إن البشر مختلفين
في طباعهم عن بعضهم البعض، ومن هنا يسهل تفهم اختلاف نظرتهم للحياة، واختلاف الأسس
التي يضعها كل فرد لحياته الزوجية. ولكنني أود هنا أن أتطرق ولو بشئ بسيط إلى قضية
دائما ما كانت من أهم القضايا التي يمكن أن تثار بين أي زوجين خاصة هنا، في بلاد العرب
والمسلمين وهي قضية عمل المرأة. إن الإشكالية التي تكمن في قضية عمل المرأة دائما ما تم تسطيحها حتى
فقدت معناها وجوهرها وأصبحت أصوات كل من المدافعين والرافضين أصوات جوفاء، تفتقد
للوعي الحقيقي بأهمية القضية التي يتحدثون عنها. وعلى الرغم من أن نظرة المجتمع
للمرأة العاملة لم تعد كما كانت عليه من ستين أو سبعين عاما، إلا أن القضية ما
زالت تُثار في الكثير من الأسر.
هذه القضية يمكن
أن تناقش حسب تجلياتها المختلفة، حيث كل تجلي ينتمي لشريحة اجتماعية بعينها والتي
تظهر فيها هذه القضية لأسباب مختلفة:
التجلي الأول: حيث
يكون عمل المرأة جزء من استمرار الحياة والمشاركة في دفع الوضع الاقتصادي المحدود
للأسرة، وصور عمل المرأة هنا غالبا ما تكون مرهقة ولأوقات طويلة، ويتفق كلا
الزوجين على رغبتهما في توقف الزوجة عن العمل في حالة وجود مصدر رزق للزوج يكون
أكثر استقرارا وأفضل ماديا. هنا يصبح عمل المرأة عبء حقيقي على الزوجة/ الأم والتي لا تجد
الوقت الكافي لتربية أبنائها بالشكل التي تتمناه.
التجلي الثاني:
حيث عمل المرأة يكون جزءا من رغبتها في إثبات ذاتها، هذه الكلمة التي تم
استهلاكها حتى اُبتذِلت. هنا يكون العمل تحدي ورغبة في الانخراط في الواقع العملي كي
تكتسب الزوجة احتراما أكبر من زوجها، مع العلم أن الأسرة في هذه الحالة
مكتفية ماديا وليس هناك معوقات اقتصادية أساسية تهدد سير الحياة. هنا أيضا تعجز
الزوجة/ الأم عن تربية أولادها بشكل حقيقي، حيث تتكفل برعاية
الأطفال إما المربية أو المدرسة أو النادي. ويصبح دور الأم أقرب لدور المشرف العام
حيث تتابع سير البيت مثل متابعتها لسير العمل.
وعلى الرغم مع
اختلاف الصورة الخارجية لكلا المثالين السابقين إلا إننا نجد أن النتيجة في كلا
الحالتين تقترب بشدة من بعضهما. إن هذا يعد وجها واحدا للقضية برمتها. ويعد
تبسيط واختزال لا يعطي الأمور حقها. ولكنني أظن أنه كافي لتحفيز العقل لكي يفكر في
الأمور بشكل مختلف. إن عمل المرأة دائما ما وقع بين موقفين يميل كل منهما إلى
التطرف سواء في رفضه أو قبوله. حيث المتشددين من رجال الدين الرافضين
لعمل المرأة من ناحية المبدأ، وبين الجمعيات التي تنشأ تحت شعار الدفاع عن حقوق
المرأة والتي لم تفعل سوى ما فعله رجال الدين من مغالاة وتطرف في المواقف ولكنها
مواقف تقع في أقصى التضاد مع مواقف رجال الدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق