الأربعاء، 30 يوليو 2014

التربية .. وأهمية بناء أساس جديد


تربية الأبناء مسئولية مشتركة بين الأب والأم. وليس غريبا أن نقول بأن الأم هي من تقود هذه المسئولية خاصة في مراحلها الاولى بسبب طبيعة ارتباطها الجسدي والنفسي بأبنائها من قبل أن يأتوا إلى هذا العالم.

وعلى عكس ما هو شائع فإن تربية الطفل تبدأ من اليوم الأول لولادته بتوفير أكبر قدر ممكن من النوم الهادئ له ولفترات طويل كما يقول برتراند راسل في الفصول الأولى من كتابه "في التربية". في هذا الكتاب تتالى الفصول التي يوضح فيها برتراند راسل الكيفية التي يحتاجها الآباء لرعاية أبنائهم وتربيتهم بطريقة تمكن الأب والأم من تقاسم الأدوار وتناسقها دون تكاسل أو تنازع أو إلقاء المسئولية على الطرف الآخر. إن أهم مأ ينضح به هذا الكتاب هو جعلي أتيقن من أن تربية الإنسان هي من أهم وأكثر الواجبات قدسية في في تاريخ الإنسانية.

فعلى الآباء أن يراعوا العديد من الجوانب في تربية أبنائهم. ومن بين الطرق التي تساعدهم على تنمية القدرات العقلية والمهارية لأطفالهم في عمر ما قبل المدرسة هي طرق منتسوري، والتي تساعد على تحفيز القدرات العقلية وتنمية روح الابداع والاستكشاف لدى الطفل.

كما أن هناك جانب أخلاقي في تربية الطفل وهو من أهمل الجوانب التي يجب على الآباء والأمهات أن يعملوا على غرسها في أبنائهم مهما اختلفت الأديان أو الفلسفات التي ينتمي إليها كلا الزوجين. إن الطريقة المثلى التي تمكننا تنمية الجانب الأخلاقي في نفوس أبنائنا تكمن في رؤيتهم لنا بشكل عملي ونحن نمارس الفضائل ونتجنب السلوكيات السيئة سواء كانت لفظية أو غير ذلك.

إن الآباء يخطئون خطئا كبير عندما يظنوا أنه يمكنهم تحقيق أحلامهم الشخصية عن طريق أبنائهم. لا يجب أن يكون دور الآباء تحديد ما يجب أن يفعله الأبناء في مستقبلهم أو تحديد مسارات معينة وإجبارهم على السير فيها، سواء كانت مسارات أكاديمية أو عملية. بل إن دور الآباء يتمحور حول تنشأة إنسان قادر على التفكير باستقلالية، صاحب عقلية نقدية، يمكنه تحديد موقف من العوامل المحيطة به، ويتخذ قرارات حياته وهو يعلم أنه يتحمل مسئوليتها كاملة.

إن دور الأسرة يكمن في بناء إنسان تتضافر فيه الجوانب الأخلاقية الروحية مع الجوانب العلمية المادية، إنسان لديه طموح وهدف دون أن يدهس بكموحه هذا أقرب الأقربين إليه، إنسان يجاهد نزعة الغرور بداخله ويتواضع مهما ارتقى ولكن دون أن يقدم تنازلات تحط من شأنه أو تنزع شيئا من كرامته. إننا نحتاج اليوم أن ننظر لدور الآباء بشكل أكثر عمقا وشجاعة.

فليس من السهل إعادة بناء أساس فكري جديد لمفهوم الزواج. ولا يمكن لبحث أو دراسة أو كتاب أن يقوم بهذه المهمة الضخمة وحده فقط. فمفهوم الزواج مرتبط بموروث وجذور إجتماعية ودينية وأخلاقية كثيرة. هذا الموروث دخل عليه الكثير من تحكمات العرف وضيق الأفق الذي تسبب في تشويه فكرة مؤسسة الزواج حيث أنها الشكل الأكثر أصالة لبناء مجتمع صحي مستقر نفسيا في المقام الأول.

إن ما نحاول فعله يكمن في ثنائية تفكيك القديم وبناء الجديد. نفكك سلبيات كالحة، ضربت مؤسسة الزواج في قلبها وأفسدتها وأوصلت مجتمعنا إلى ما هو عليه الآن من تصدع واضح في حياته الأسرية، ومن ثم يمكننا إعادة بناء مفهوم متكامل يمتلئ بحيوية العصر وأصالة القيم. إن نجاح البناء الأسري لا يعود فقط إلى مدى نضج طرفي العلاقة أو صلاحية البيئة المحيطة بهم بل إلى عوامل أكثر تركيبا من ذلك، وبالتالي فإن أثر هذا النجاح ليس محدودا على أفراد الأسرة الناجحة بل يمتد ليؤثر في المجتمع بشكل يمكننا أن نأمل معه أن يكون الغد أكثر حيوية ليقتل ولو شئ من ركود الواقع اليومي.

إن الدولة لابد أن تُمِكن مواطنيها  من العيش الكريم الذي يؤدي بدوره إلى التأثير بشكل إيجابي في بناء الأسرة والمجتمع. إن تكاملية العناصر التي تؤثر في شخصية المرء وترتقي به في سلم النضج الإنساني كثيرة ومتشابكة ولكننا نحاول أن نوضح جزء من أهم العوامل التي تؤثر في شخصية المرء وما ينتج عنه من أثر في طبيعة قراراته وطريقة تفكيره. إن هذه العوامل دائما ما تتداخل وتتقاطع لتشكل "دائرة النضج الإنساني". وكلما كان نصيب المرء من هذه الدائرة أكبر كلما كان هذا مؤشرا إيجابيا لزيادة نضجه. وسيظل هناك شئ ما لا نستطيع تفسيره بوضوح، يسهم بشكل فعال في هذه الدائرة.
 
 

إن مسيرة الإنسان في هذه الحياة يلتبسها الكثير من الغموض والارتباك والتردد. وكلما زادت حرية المرء كلما كان أكثر مسئولية اتجاه القرارات التي يتخذها. وهذا هو ما يجب أن نسعى إليه. أن يكون المرء حرا، قادر على تحمل مسئولية اتخاذ قرارات حياته ومن ثم يمكنه اكتشاف دربه في هذه الحياة بعمق أكبر ولو كان بجهد أكثر.