الاثنين، 17 نوفمبر 2014

عن المرأة التي حاولت الهرب منها وفشلت







أشعر بالتيه في خضم بحثي عن عنوان لنصِها. كلما استعاد ذهني صورتها، أحاول لملمة شتات نفسي. أنا الذي ذهب للموت مرتين، وعندما هرب في الأولى، لم يتحمل وطأة العيش، ولم يجد معنى لتلك الحياة بدون الموت متشبعا بالنسيم الذي يحمل قبسا من عطر شعرها.



عدت طالبا الغفران، ويدي لا تزال ترتجف، وخط القلم يفقد استقامته. هي التي أخذت محل إيزيس وعشتار. تغفر لي، تتنزّل عليّ، فتجعلني دكّا، تضع يدها في يدي، فيتلاشى الكون كله، الربّة تضع يدها في يد المتعبد إليها في عزلته ويأسه. كيف يمكن لروحها متمثلة في لمسة من يدها أن تصيب الكون بغتة بالصمت والخشوع. كيف يمكن لتجليها، في هذا الجسد الضئيل والشعر الكثيف، والعيون التي لم أر يوما ما هو أعمق منها، أن يتملك أوردتي وحواسي. كيف لهذه الابتسامة أن توقف نبض قلبي، أن تُميتني ثم تحييني.



أتمالك ذاتي، أصرّ على أن أكون ندّا، ولكن كيف يمكن أن أصمد وإيقاع خطواتها يذيبني ويصيبني بالدوار.



تقرر بعد ما يقرب من ثلاثين دقيقة أن تتصاعد من حيث أتت، أن تتوارى خلف الغيوم، أشعر بالتيه، أكاد أفقد وعيي، ربة الكون ستترك يدي، من سيرشدني وسط قبح هذه الحياة! اسمع نبض قلبي يكاد يمزق ضلوعي. أرجوها، يكاد جسدي النحيل أن يمسّ الأرض تضرعا. أقول لها: لا تذهبي، فلم يزدني الوِرد منكِ إلا عطشا. أنا الحلاج الذي كفر بكل شئ سواكِ، أنا الحلاج الذي لم تزده رؤيتك إلا عطشا إليكِ.



ترتجف يدي.. يسقط القلم .. أحاول الإمساك به .. أكتب.. يفقد الخط استقامته



أما هي، فلا تنصت إليّ، تذهب، تتركني. هل يمكن للمتعبد أن يذوب حبا في ربته؟ هل يمكن أن يسئلها: هل تدركين ما يعتمل بداخلي؟ هل ترين لون عيني الذي لم أعد أعرفه من فرط حيرتي؟ هل تشعرين كم يتوجس قلبي خيفة من أن يكون عشاقك كُثر؟ من أن يكون قربك مني عطفا وليس شغفا! صارحيني، أريحيني، هل نظرة الشغف التي رأيتها اليوم في عينيّكِ حقيقة؟ أم أن ما يجيش بصدري قد أصابني بالجنون!



يختلج قلبي .. ترتجف يدي .. يسقط القلم .. أحاول الإمساك به .. أكتب.. يفقد الخط استقامته



خذي بيديّ .. انظري لعينيّ .. قولي لي أن وجودك ليس عطفا ولا شفقة .. بل شغفا خالصا .. قولي ذلك أو أنزلي نصلك وأخبريني وأنتِ تضعين رأسي تحت مقصلتك، بأن قلبك ليس لي ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق